الاثنين، 16 مايو 2011

الليبرالية ببساطة واختصار

كان جون لوك داعية للثورة الدستورية، وفى زمنه قامت الثورة المجيدة (1688) فى إنجلترا والتى أسست للملكية الدستورية। وبذلك ظهر مفهوم «الديمقراطية الليبرالية»। فالديمقراطية وفقا لذلك المفهوم ليست مجرد حكم الأغلبية، وإنما هى أساسا احترام حقوق الأفراد الأساسية وحرياتهم، ولا تعدو الانتخابات والأحزاب والمجالس النيابية سوى إجراءات وتنظيمات من أجل احترام وحماية هذه الحقوق والحريات الأساسية। فليست «ديمقراطية ليبرالية» تلك النظم التى تنتهك بعض الحقوق والحريات ولو باسم الأغلبية। فالحقوق الأساسية للأفراد حقوق سابقة على وجود المجتمعات نفسها، ووجود هذه المجتمعات يجد تبريره فى أنها توفر الحماية والضمان لهذه الحقوق والحريات। وبطبيعة الأحوال، فإن حقوق كل فرد وحرياته مقيدة بضرورة احترام حريات الآخرين. وهكذا نجد أن مفهوم الديمقراطية الليبرالية يمثل تقدما على المفهوم التقليدى للديمقراطية عند الإغريق والذى يعتمد على حكم الأغلبية فقط. فالأغلبية دائما على صواب ــ فى هذا المفهوم القديم ــ حتى وإن تعرضت للحقوق والحريات لبعض الأفراد أو الأقليات. ولذلك لم يكن غريبا أن كبار الفلاسفة الإغريق كانوا أقل ثقة فى الديمقراطية الإغريقية، حيث إنها كثيرا ما كانت حكما للغوغاء بأكثر مما هى احترام لحرية الفرد باعتباره إنسانا. وكثيرا ما شاهدنا فى العصر الحديث جرائم ارتكبت باسم الأغلبية أو نوعا من الأغلبية. فإذا كان النظام النازى فى ألمانيا لم يحصل على أغلبية البرلمان، فقد كان أكبر الأحزاب وأكبرها تمثيلا فى المجلس النيابى، وعندما وصل هتلر إلى الحكم وبدأ فى اضطهاد الأقليات، فقد تم ذلك بتأييد من الأغلبية الشعبية. كذلك فإن مجازر يوغوسلافيا بعد تفككها لم تكن بدون مساندة من أبناء الصرب أو الكروات. الأغلبية هى أساس الحكم فى النظام الليبرالى، بشرط أن تحترم الحقوق والحريات للجميع. [مقال لدكتور حازم الببلاوى ]